بسم الله الرحمن الرحيم
مبروك أم مبارك
دراسة في تغير المعنى بتغير اللهجات والزمان وجنسية الكلمات
إعداد: أ. مصطفى عبد الغفار
كثير من الناس يعتبر كلمة ( مبروك ) خطأ ولا يجوز إطلاقها للدلالة على التهنئة وأن اللفظ الصحيح هو ( مبارك )
لأن الفعل أصله بارك فيكون اسم المفعول منه (مبارك) لا (مبروك). مبروك أم مبارك
بالطبع هذا الكلام سليم 100% حينما نعرض اللفظتين على اللغة العربية وقواعد الصرف،
ولكن من الخطأ الحكم على اللفظ أو التركيب مقارنة بغيره إلا إذا اشترك المتحدث والسامع في نفس العوامل التي تحيط باللفظ وهي:
🔸 أولا: تعدد اللغات واللهجات: مبروك أم مبارك
فمثلا لا يمكن أن أقول أن لفظة (good ) لا يجوز استعمالها مكان كلمة (جيد). مبروك أم مبارك
وهذا خطأ لأن المتحدث بالإنجليزية لا يعرف سوى اللفظة المستخدمة لديه للدلالة على المعنى المراد.
وكذلك حال اللهجات داخل اللغة الأم فنجد مثلا لهجة اسمها ( أكلوني البراغيث )
وهي لغة قليلة لطيء، وأزد شنوءة، وبلحارث حيث إنهم يقومون بإضافة واو الجماعة ، أو ألف الاثنين، أو نون النسوة إلى الفعل في وجود الفعل الظاهر، وهذا بالطبع غير موافق لقواعد العربية الفصيحة.
ولكنها لهجة موجودة ولا ينكر عليهم أحد التحدث بها فقد تحدث بها حبيبنا (صلى الله عليه وسلم) حيث قال: ” يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار “،
فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) تحدث بهذه اللهجة وهو أفصح الفصحاء. مبروك أم مبارك
🔸 ثانيا: جنسية الكلمة:
فالكلمة تستخدم بنفس لفظها للدلالة على أكثر من معنى حسب الدولة التي تنطق بها مثل:
كلمة (ماشي) عند المصريين معناها أوافق ولكنها عند أهل اليمن تعني أرفض.
كلمة (البرص) معروف وهو الحيوان المعروف ولكنها تعني في السعودية (لاصقة)
كلمة (شكشوكة) وهي أكلة معروفة في مصر ولكنها عند أهل السودان تعني (امرأة منحرفة).
🔸 ثالثا: عامل الزمن:
هناك بعض الكلمات تغير معناها بمرور الوقت عليها فتحولت من المعني الجيد إلى معنىً سيء أو العكس مثل:
كلمة (غانية) كانت تطلق على المرأة الجميلة التي استغنت عن الزينة بجمالها أو استغنت بزوجها عن باقي الرجال،
وأصبحت الآن لفظة سيئة السمعة فلا تطلق إلا على المرأة اللعوب، ولا يجرؤ أحد كائنا من كان أن يعيد استخدامها الآن بنفس المعنى القديم.
كلمة (شاطر) كانت تطلق على الرجل الماكر الخبيث واللصوص والقراصنة وقطاع الطرق، وبعد زمن طويل أصبحت تطلق على الشخص الذكي النبيه والناجح.
كلمة (اللحن) كانت تطلق على وجود خطأ بالكلام ونشاز ، ووبمرور الوقت أصبحت تطلق على صوت الموسيقى.
كلمة (بلطجي) كانت تطلق على حاملي البلطة أمام الجيوش ليمهدوا لهم الطريق، والآن أصبحت علامة على الشخص المنحرف الذي يأخذ ما ليس له بدون وجه حق.
لذلك حينما نتعرض إلى كلمة (مبروك) سنجد أنها تستخدم في العامية المصرية للدلالة على التهنئة ولا مانع من استخدامها فلكل لغة أو لهجة مفردات تتميز بها عن غيرها،
وبالطبع هذه اللفظة إذا سألت عنها أحد المصريين سيقول مباشرة أنها تقال عند التهنئة ولا تستعمل في غير التهنئة.
والقول بأن مبروك اسم مفعول من الفعل برك فهو قول خاطيء إذ أن الفعل (برك) لازم ولا يشتق منه اسم مفعول.
الخلاصة: الأصل أن أهل كل لهجة أو لغة يستعملون مفرداتهم الخاصة بهم للدلالة على المعنى المراد،
ومادام هذا اللفظ هو المتعارف عليه والسائد بينهم فلا حرج في استعماله… والله أعلم، مع تمنيات " مكتبة لسان العرب " لقرّائها وأحبّائها ومتابعيها الكرام بالقراءة الممتعة النافعة والاستفادة العلمية..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق