2024/03/16

ابن زيدون (الوفاة 463 هـ)



🏷️ ابن زيدون Abn Zaydun (الوفاة 463 هـ)
أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون المخزومي القرشي المعروف بـابن زيدون (394هـ/1003م في قرطبة - أول رجب 463 هـ/5 أبريل 1071 م) وزير وكاتب وشاعر أندلسي هو من أبزر شعراء قرطبة وإشبيلية في عصره، له قصة حب شهيرة جمعت بينه وبين شاعرة الأندلس «ولَّادة بنت المستكفي».


❅ سيرته:
ولد أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون في قرطبة لأسرة من فقهاء قرطبة من بني مخزوم. تولى ابن زيدون الوزارة لأبي الوليد بن جهور صاحب قرطبة، وكان سفيره إلى أمراء الطوائف في الأندلس، ثم اتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد صاحب إشبيلية، فحبسه. حاول ابن زيدون استعطاف ابن جهور برسائله فلم يعطف عليه. وفي عام 441 هـ، تمكن ابن زيدون من الهرب، ولحق ببلاط المعتضد الذي قربه إليه، فكان بمثابة الوزير. وقد أقام ابن زيدون في إشبيلية حتى توفي ودفن بها في أول رجب 463 هـ في عهد المعتمد بن عباد.

📥 تحميل كتب ومؤلفات ابن زيدون (PDF)

اشتهر «ابن زيدون» في مجالس قرطبة الأدبية والاجتماعية بخفة الظل والميل للدعابة ونال شعره شهرة واسعة في المنتديات الأدبية التي كانت النساء ذوات المكانة العالية تديرها، وكان الشعراء يطمعون في مكانة وحظوة لديهن، مثل محبوبة «ابن زيدون» «ولادة بنت المستكفي» التي أفرد لها أروع قصائده وتنافس على الفوز بقلبها مع غريمه «ابن عبدوس».

اشترك «ابن زيدون» في الثورة التي قام بها «ابن جمهور» على آخر خلفاء بني آمية والتي ما نجحت حتى اتخذه وزيرًا له وكاتبًا ولُقب ﺑ«ذي الوزارتين»، ولكن ما لبث أن أوقع المنافسون بينه وبين «ابن جمهور» فعزله وألقى به في السجن وهناك كتب له مجموعة من القصائد والرسائل النثرية يحاول استمالته مجددًا وأن يبرئ نفسه، كما كتب من الأسر أروع أشعاره لاستعطاف «ولادة» ولكن دون جدوى. واستطاع «ابن زيدون» الهرب من السجن حتى احتل «المعتمد بن عباد» مدينة «قرطبة» وضمَّها إلى ملكه فأعاده وزيرًا مرة أخرى. وبعدها أُرسل «ابن زيدون» إلى «إشبيلية» لتهدئة الفتنة التي ثارت فيها واستمر في الإقامة بها.

وﻟ«ابن زيدون» ديوان شعر يتميز بتنوع موضوعاته وسهولة لغته، كما ترك مجموعة من الرسائل التي توضح سمات عصره السياسية والاجتماعية، وقد وصف النقاد شعره بأنه بليغ رغم إيثاره التراكيب الشعرية البسيطة. كما تميز «ابن زيدون» بالبناء التصويري الشعري الذي تبدو فيه الطبيعة والمكان الذي كان يقطن فيه مصورةً بشكلٍ متميز، والبناء الموسيقي الذي اتسم بحسن التقسيم والإيقاعات المتتالية في الأوزان والقوافي.

وقد توفي «ابن زيدون» بعد أن داهمه المرض أثناء إقامته في «إشبيلية» ودُفن بها وذلك في عام ١٠٧١م.

❅ شيوخ ابن زيدون وأساتذته:
كان والد ابن زيدون معلمه الأول، فقد كان ضليعاً في علوم اللغة العربية وآدابها، فعلم ولده منذ صغره وأحضر له الأساتذة الذين علموه مختلف العلوم، وفي هذا يقول دكتور شوقي ضيف: (ونظن ظناً أنّ ابن زيدون لزم صديق أبيه عباس بن ذكوان، وأفاد من علمه وفقهه، فقد كان عالم قرطبة الأول في عصره، وامتدت حياته بعد أبيه إلى سنة 413هـ)، كما تتلمذ ابن زيدون على يدي أبي بكر مسلم بن أحمد وهوابن أفلح النحوي الذي كان عالماً في اللغة والأدب ورواية الشعر، هذا وكان ابن زيدون مقبلاً على العلم راغباً فيه، فأخذ ينهل من العلم من هنا وهناك، فكان يحضر الدروس في الجوامع ويرتاد دور الكتب، ويتردد على جامعة قرطبة الكبيرة ليحضر الدروس التي كانت تُلقى فيها، وكانت قرطبة في ذلك الحين مركزاً للعلم والعلماء، مما ساعد ابن زيدون على الإقبال على العلم والرغبة في تحصيله، هذا ولم يذكر الذين عاصروا ابن زيدون أسماء أساتذة تولوا تعليمه بالترتيب، وفي ذلك يقول وليم الخازن: (ولم يعطنا الذين دنوا حياة الشاعرأسماء أساتذة بالتتابع).

❅ منزلة ابن زيدون:
كان ابن زيدون من أبرع وأقدر شعراء العصر الذي عاشوا فيه، لذا أُطلق عليه لقب بحتريّ المغرب تشبيهاً له بالشاعر البحتريّ؛ وذلك لتميّزه في موهبته وتميز شعره بالسهولة والعذوبة، فقد قال المقرّي مادحاً له: (من لبس البياض وتختم بالعقيق وقرأ لأبي عمرو وتفقه للشافعي وروى شعر ابن زيدون فقد استكمل الظرف)، كما جاء رأي علماء الغرب مثل رأي علماء الشرق في ابن زيدون بشأن منزلتة، فقال آنخل جنثالث بالنثيا: (أهم شعراء قرطبة في ذلك العصر هو أبو الوليد أحمد بن زيدون المخزومي)، هذا وقد كان لابن زيدون منزلة مرموقة في قرطبة لما امتاز به من تفوق ونبوغ، وعلم غزير، وقدرة على التعبير عن نفسه ومشاعره وأفكاره..

❅ علاقة ابن زيدون بالخلفاء:
عاش ابن زيدون في عصر ملوك الطوائف الذي ضعُفت فيه قوّة دولة الأندلس وتشتت وتقلصت، فبعد سقوط الدولة الأموية نتيجة ضعفها وانحلالها قامت على أنقاضها دويلات منها قرطبة التي تولى إمارتها أبو الحزم ابن جهور، فكان ابن زيدون من وزرائه المقربين، ثمّ أوقع بينهما الوشاة فتغيرت العلاقة وذهب الودّ فقام ابن جهور بسجنه لكنّه استطاع الفرار من السجن بعد أن مكث فيه سنةً ونصف، ثمّ لجأ إلى ولي عهد ابن جهور، وأدخله بوساطةٍ بينه وبين ابن جهور فعفى عنه، وبعد أن توفي الأمير أبو الحزم سنة 435هـ تولى ابنه أبو الوليد الإمارة فكان ابن زيدون صديقاً مقرباً له فولاه وزارةً لكنه سرعان ما عزله بعد أن أصغى إلى الوشاةِ من أعداء الشاعر ومنافسيه، ثمّ عاد ورضي عنه بعد عدة أعوام لكن ابن زيدون هجر الأمير وانتقل إلى إشبيلية حيث بنو عباد.

بعد وفاة أبو القاسم بن عباد الذي حكم إشبيلية منذ عام (414هـ) حتى عام (433هـ) تولى الحكم ابنه المعتضد بن عباد، وكان شاعراً يحب الشعر، فاجتمع في بلاطه عدد كبير من الشعراء كان ابن زيدون زعيمهم، فأصبح صديقاً للأمير وولاه وزارته، ولما توفي المعتضد سنة 461هـ تولى بعده ابنه المعتمد وكان من أصدقاء ابن زيدون فأبقى عليه في منصبه، واستطاع الأمير فتح قرطبة وقد ساعده ابن زيدون في ذلك بحنكته السياسية، هذا وقد كان لكلّ الأحداث التي حصلت حينها في البيئة التي نشأ فيها ابن زيدون أثر واضح في شعره مما جعله يتربع على عرش زعامة الشعر بلا منافس.

❅ رسائل ابن زيدون:
❅ الرسائل الهزليّة:

كتب ابن زيدون رسالةً هزليّة وهو في سجنه كما سبق وذكر، نقلتها ولاّدة على لسانها إلى ابن عبدوس الذي كان ينافسه على حبها، وقد جاء في هذه الرسالة هجاءٌ وتشفٍّ وسخط وحقد أظهرت قوة وبأس نفس ابن زيدون الذي تأثر فيها برسالة التربيع والتدوير للجاحظ، وقد شرح هذه الرسالة الأديب ابن نباتة سنة 768هـ في كتاب سماه: (سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون).

📥 تحميل كتب ومؤلفات ابن زيدون (PDF)

❅ الرسائل الجديّة:
الرسالة الجدية هي رسالة أرسلها ابن زيدون إلى حاكم قرطبة ابن جهور بعد سقوط الخلافة الأموية في الأندلس سنة 422هـ، طالباً الرحمة منه مستعطفاً إيّاه ليطلق صراحه من السجن الذي وضعه فيه ظلماً نتيجة الدسائس والمؤامرات، وقد أجمع القدماء والمعاصرون على أنّ هذه الرسالة تعتبر من أهم الرسائل الأدبية في تاريخ الأدب العربيّ، لذا لاقت الكثير من التقدير والاهتمام قديماً وحديثاً، ومن مظاهر تقدير الأقدمين لها أنّ بعض الأدباء اقتدى بها وقلدها مثل، محمد بن نصر القيسراني الذي استفاد منها من الناحية الشكلية وليس من ناحية المقاصد، في تأليف ظلامة أبي تمام، كما قلّد هذه الرسالة محي الدين بن ظاهر، وصلاح الدين الصفدي، ومن مظاهر الاهتمام بتلك الرسالة أيضاً قديماً وحديثاً ترجمتها إلى بعض اللغات وكثرة الشارحين لها، هذا ولم تزل تلك الرسالة محطّ اهتمام للدارسين حتى الآن.

❅ شعر ابن زيدون:

كتب ابن زيدون الكثير من قصائد المدائح في أبي الحزم بن جهور، وأبي الوليد، وفي المعتضد، وابنه المعتمد، كما مدح بعض أمراء الطوائف، وكتب الرثاء في أبي جهور وفي المعتضد وبعض أبناء الخاصة، ولا يوجد في مدح ابن زيدون ورثائه تجديداً إذ كان يتناول المعاني المتداولة عند القدماء، مثل صفات الكرم والشجاعة والتقوى وجميع المعاني المعروفة عند شعراء المشرق، كما يمتاز شعره بالمبالغة في اللفظ والمعنى مقلداً في ذلك القدامى، أما شعره في الغزل فهو مرتبطٌ بولاّدة التي أحبها وهام في عشقها، وهو من نوع الغزل الصادق الذي ينبع عاطفة وحنيناً، وشكوى وعتاباً وألماً، ويبدو فيه ساخطاً على الوشاة حاقداً على الدهر.

متاز شعر ابن زيدون بشكل عام بالمبالغة بهدف التأثير في السامع لتحريك مشاعره، كما يظهر في شعره تأثره بالقديم بالرغم من أنّه عاش في بيئة تختلف عن تلك التي عاش فيها المشارقة، وقد سُمي ابن زيدون كما قلنا ببحتري المغرب لسببين، أولهما طول النفس، فقد جاءت قصائده في المدح والغزل طويلةً، وثانيهما كثرة الزخارف الشعرية والصور البيانية والمحسّنات البديعية، فجاء شعره شبيهاً بشعر البحتري، ورغم تأثر ابن زيدون بالمشارقة إلا أنّه ظلّ محتفظاً بشخصيته المميزة في شعره واهتمامه بإبراز ذاته في أعماله الشعرية.

❅ نونيّة ابن زيدون:
❅ مناسبة القصيدة:

كتب ابن زيدون هذه القصيدة لولاّدة بعد هروبه من السجن وأرسلها إليها يرجوها أن تحفظ الود وتظل على العهد، فتذكر أيام الوصال بينهما وتحسر عليها، وقد استخدم الشاعر في هذه القصيدة ألفاظاً معبرة عن حبه وعاطفته النبيلة، كما اختار الصور البيانية بمهارةٍ لتعبر عن الأحوال النفسية التي عاشها، واستخدم فيها مُحسنات اللفظ والمعنى بكلّ إبداع فجاءت مناسبةً لعواطفه وأحاسيسه.

ظم ابن زيدون نونيته على وزن (بحر الكامل) الذي يعد من أهم البحورالعربية لكثرةِ النظم فيه، والذي يمتاز بجرسٍ واضحٍ ينبعث من هذه الحركات الكثيرة الواضحة، وهو مناسب لقصيدة ابن زيدون التي تحتاج مساحة من الزمن للتعبير عن معانيها، أما القافية فهي مردوفة مطلقة وحرف الروي هو النون، وهو شبيه بروي معلقة ابن كلثوم التي مطلعها:
ألا هبّي بصحنكِ فأصبحينا
ولا تُبقي خُموَر الأندرينا
هذا ومع اختلاف غرضي القصيدة، فقصيدة عمرو في الفخر والحماسة وقصيدة ابن زيدون في الغزل.

❅ رأي النقاد في القصيدة:
تحدث النقاد كثيرًا عن هذه القصيدة، فمنهم من مدحها ومنهم من ذمها، لكن من المؤكد أنّها من أروع قصائد الغزل الوجداني، ومما يطلق عليه السهل الممتنع، حيث لا يصعب لمن سمع الشطر الأول أن يكمل الشطر الثاني، من خلال الجناس والطباق اللذين زادا القصيدة روعة على روعة، إضافةً إلى الألفاظ المتضادة.

❅ شعره:
برع ابن زيدون في الشعر والنثر، وله رسالة تهكمية شهيرة، بعث بها عن لسان ولادة بنت المستكفي إلى ابن عبدوس الذي كان ينافسه على حب ولادة، ولابن زيدون ديوان شعر طُبع عدة مرات. ومن أشهر قصائد ابن زيدون قصيدته المعروفة بالنونية، والتي مطلعها:
أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
شوقا إليكم ولا جفت مآقينا
يكاد حين تناجيكم ضمائرنا
يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حالت لبعدكم أيامنا فغدت
سودا وكانت بكم بيضا ليالينا

❅ القصائد (26 قصائد)
• ذِكْرَى أَيَّامِ الوِصَالِ
• مَا عَلَى ظَنِّيَ بَاسُ
• مَا لِلْمُدَامِ تُدِيرُهَا عَيْنَاكِ
• وَدَّعَ الصَّبْرَ مُحِبٌّ وَدَّعَكْ
• شَحَطْنَا وَمَا بِالدَّارِ نَأْيٌ وَلَا شَحْطُ
• أَمَا فِي نَسِيمِ الرِِّيحِ عَرْفٌ مُعَرِّفُ
• بِاللهِ خُذْ مِنْ حَيَاتِي
• غَرِيبٌ بِأَقْصَى الشَّرْقِ يَشْكُرُ لِلصَّبَا
• رَاحَتْ فَصَحَّ بِهَا السَّقِيمْ
• لَوْ أَنَّنِي لَكَ فِي الْأَهْوَاءِ مُخْتَارُ
• وَضَحَ الْحَقُّ الْمُبِينُ
• الْهَوَى فِي طُلُوعِ تِلْكَ النُّجُومِ
• خَلِيلَيَّ لَا فِطْرٌ يَسُرُّ وَلَا أَضْحَى
• عَلَامَ صَرَمْتَ حَبْلَكَ مِنْ وَصُولِ
• هَوَايَ وَإِنْ تَنَاءَتْ عَنْكَ دَارِِي
• طَابَتْ لَنَا لَيْلَتُنَا الْخَالِيَةْ
• وَشَادِنٍ أَسْأَلُهُ قَهْوَةً
• بَنَيْتَ فَلَا تَهْدِمْ وَرِِشْتَ فَلَا تَبْرِي
• وَلَمَّا الْتَقَيْنَا لِلْوَدَاعِ غُدَيَّةً
• هَلْ عَهِدْنَا الشَّمْسَ تَعْتَادُ الْكِلَلْ
• أَصِخْ لِمَقَالَتِي وَاسْمَعْ
• خُنْتَ عَهْدِي وَلَمْ أَخُنْ
• هَذَا الصَّبَاحُ عَلَى سُراكِ رَقِيبًا
• أَحِينَ عَلِمْتَ حَظَّكَ مِنْ وِدَادِي
• سَرَّكَ الدَّهْرُ وَسَاءَ
• أَمَا عَلِمَتْ أَنَّ الشَّفِيعَ شَبَابُ

📥 تحميل كتب ومؤلفات ابن زيدون (PDF)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق